تواصل الشركات حول العالم سعيها لاستقطاب أفضل الخريجين وألمعهم للانضمام إلى طاقم عملها. وهذا أمر بديهي باعتبار أن الخريجين ذوي الكفاءة يتمتّعون بالموهبة والمعرفة من منظور حديث ويبعثون حماسة وطاقة متجددة في مكان العمل.
ينطبق هذا الواقع على بيئة العمل في دولة الإمارات كما في سائر أنحاء العالم. وفي حين أن عدة مؤسسات في الدولة كانت تعمد للتوظيف من خارج البلاد لفترة طويلة، ينبغي على الشركات الراغبة في تمتين جذورها أن تنشط في توظيف المتخرجين من الجامعات القائمة في دولة الإمارات. ومن هذا المنطلق، يجدر بنا الاطلاع على الشركات الأكثر استقطاباً للخريجين والنظر في العناصر التي تميّزها وتجعلها جاذبة لأصحاب المواهب.
نرجع في عمليتنا الاستطلاعية لأحدث تقرير أصدرته شركة التوظيف الإقليمة غالف تالنت Gulf Talent
حول توظيف الخريجين المحليين.
التقرير هو ثمرة دراسة استقصائية شملت 300 من الخريجين الجدد وطلبة السنة الأخيرة في الجامعة الأمريكية في الشارقة AUS، وهي جامعة تحتضن طلبة أجانب وإماراتيين من مختلف أنحاء الدولة.
طُلب من كل مشارك في الدراسة أن يحدد أفضل 3 شركات يرغب في العمل لديها عند التخرّج من الجامعة.
ولم تطرح الدراسة أية قائمة مسبقة بأسماء الشركات المحتملة، وإنما طلب من المشاركين إدراج الشركات المفضلة دون أي حضّ أو تلميح.
استخلصنا من نتيجة الدراسة أبرز خمس شركات مفضّلة كوجهة للعمل، وبحثنا في خصائصها لنتحقق من العناصر التي تجعلها جاذبة لهذا الحدّ، وهو أمر لم يتناوله تقرير غالف تالنت. ونورد أدناه ما توصّلنا إليه حول هذه الشركات بالترتيب العكسي:
5. نستله
من المُلفت أن شركة الأغذية العملاقة حقّقت مرتبة عالية جداً في قائمة الشركات المفضّلة للمشاركين في الدراسة في حين أنها لم تبرز ضمن فئات الشركات التي نظرت فيها دراسة غالف تالنت.
وفقاً لنتائج الدراسة، لم تكمن عناصر الجذب للعمل لدى نستله في الامتيازات الإضافية التي ينالها الموظفون، ولا في امتلاك الشركة لمساحات عمل مصمّمة على نحو مبدع، بل يبدو أن ما يجذب الخريجين هو أنها شركة توفّر بيئة عمل تشجّع المسؤولية الفرديّة كما أنها شركة متعددة الثقافات وتمنح الموظّفين الفرصة للانخراط في تخصّصات متنوعة.
4. جنرال إلكتريك
أحرزت هذه الشركة المتعددة الجنسيات مرتبة بارزة في النتائج (علماً أن الدراسة أشارت إلى أنها كانت أكثر شعبية في أوساط الوافدين مقارنة بالمواطنين الإماراتيين). وقد وردت شركة جنرال إلكتريك كالخيار الأكثر شعبية بين الخريجين في مجال الهندسة.
وليست هذه النتيجة مستغربة، خاصة عندما نأخذ بالاعتبار تاريخ جنرال إلكتريك الحافل بالابتكار التقني.
وصحيح أن الشركة تقدّم عدد من الامتيازات لموظفيها، مثل فترات عطلة غير محدودة، والتأمين الصحّي، وخطة التقاعد 401K ، غير أن هذه الامتيازات متماشية مع فوائد العمل السائدة في المنطقة، ولا تتجاوز التوقعات بشكل خاص.
إذاً يبدو هنا أيضاً أن شعبية جنرال إلكتريك بين المشاركين في الدراسة تتعلّق بطبيعة العمل وبسمعة الشركة الراسخة.
3. مجموعة شلهوب
تأسّست مجموعة شلهوب في سوريا عام 1955، وهي شركة قائمة اليوم في دبي ومتخصصة بتوزيع منتجات لعلامات تجارية فاخرة. وقد حققّت المجموعة أعلى مرتبة بالنسبة للطالبات والخريجات الإناث المشاركات في الدراسة، علماً أنها تتمتّع بسمعة متينة من ناحية دعمها للنمو والتطوّر الوظيفي. ومن جانب آخر، تمتلك المجموعة مكاتب فخمة كما أنها توفّر عدداً من الامتيازات لموظفيها مثل الرعاية الصحية والتأمين على الحياة والحسومات مع شركاء الطرف الثالث مثل الفنادق وشركات التأمين والسفر وتأجير السيارت.
2. يونيليفر
كثيراً ما تبرز يونيليفر في طليعة الشركات كالمكان المفضّل للعمل. ويعود ذلك جزئياً لأنها من الشركات البارزة والتي اجتهدت لفترة طويلة في تعزيز سمعتها في التوظيف.
وفي إطار الدراسة التي أجرتها غالف تالنت، حقّقت يونيليفر شعبية كبيرة بالتساوي بين الخريجين في مجالي الأعمال والهندسة.
ومن مجمل العناصر التي تعزّز جاذبية يونيليفر كوجهة للعمل هي أن الشركة تستهدف الخريجين مباشرة، كما أنها تشتهر ببرنامجها المخصّص لتدريب الخريجين والمسار الموجّه للقادة المستقبليين.
1. طيران الإمارات
حقّقت طيران الإمارات، شأنها شأن يونيليفر، شعبية واسعة بين فئات مختلفة من الخريجين المشاركين في الدراسة، بغض النظر عن مجالات تخصّصهم.
والمُلفت أنها لا تظهر في قائمة أبرز 10 شركات جاذبة للعمل بالنسبة للخريجين الإماراتيين المشاركين في الدراسة. في الواقع، حقّقت الشركة شعبية أكبر في أوساط الطلبة الأجانب على الرغم من كونها شركة مملوكة لحكومة دبي.
تمتلك شركة الطيران برنامجاً للخريجين في تخصّصات معيّنة، وإلى جانب باقات الامتيازات التنافسية التي تقدّمها، مثل الرعاية الصحية، وامتيازات السفر والتقاعد، فإنها تمنح الموظفين فرصاً للعمل إما في دبي أو في الخارج.
جذب الخريجين اللامعين
في حين أن الدراسة الاستقصائية التي شارك فيها خريجو وطلبة الجامعة الأمريكية في الشارقة تغطّي شريحة ضئيلة من الخريجين في دولة الإمارات ككلّ، من الملفت أن نرى أن سائر الشركات التي ظهرت في قائمة الخمس المفضّلة تتميّز بكونها شركات راسخة وتتمتّع بسمعة مرموقة.
ومن جانب آخر، نلاحظ أن اهتمام الخريجين لا يتركّز على تصميم المكاتب والميزات الرائعة وساعات العمل المرنة بقدر ما ينصبّ على سمعة الشركة في التوظيف والفرص التي تقدّمها لموظفيها من ناحية التدريب والنمو المهني وإتاحة المجال أمامهم للقيام بعمل يهمّهم.
وعند النظر فيما ينبغي القيام به لجذب الخريجين من أصحاب أفضل المواهب، قد يصعب عليك منافسة ما تقوم به هذه الشركات الكبرى، ولكن لا يجب أن يقف هذا الأمر في طريقك، فمن الواضح أنه يمكنك اجتذاب أصحاب المواهب دون بذلك أموال طائلة.